أبوحسين في البيت الأسود


الموضوع واضح!
اليوم التاريخي لـباراك حسين أوباما الرئيس المنتخب الرابع و الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية.

لن اتكلم عن ما ينتظرنا نحن في العالم الثالث تحت "رحمة" الإدارة الرابعة و الأربعين الأمريكية ، فأي كلام في ذلك سيكون مصدره الأماني و الأحلام و من باب انتظار الخوارق. و لن اناقش ما اذا كانت آلية الديموقراطية -مثلا- وسيلة مثلى أم أنه بالمقابل آلية الشورى -مثلا- هي الأصلح.... إلى آخر هذه المواضيع التي ليست لها علاقة ، على الأقل في هذه اللحظة من "التاريخ".

هنا اتكلم عن فترة مدتها أقل من نصف قرن. خلال أقل من 50 سنة انتقل الحال من: مطالبة بكرسي في حافلة (شرارة حركة الحقوق المدنية في أمريكا) إلى تبوء أقوى منصب في العالم محققا حلم مارتن لوثر كنغ. بغض النظر عن طريقة الانتخابات و الحملات الانتخابية و الإعلام و غير ذلك و ما فيها من ملاحظات لكن الأمر بحد ذاته هو عظيم. 50 سنة مدة قصيرة جدا في عمر الأمم. المشاعر العنصرية أكيد لا تزال موجودة لكن كون النظام و القوانين و اليوم "الآليات" وضعت رجلا صاحب لون بشرة مختلف في كرسي الرئاسة فهو بالتأكيد نجاح.

و أعجبني جون ماكين في خطابه متقبلا الهزيمة في تأكيده على استمرار خدمته لوطنه تحت رئيس أمريكا الجديد. انا لست أمريكيا ولا أحب السياسة الأمريكية لكن هذه الروح الرياضية حتى لو كانت مصتنعة و كاذبة فهي تدل على تفاهم جميل.

طبعا يدخل باراك مسرح العالم بعد خروج بوش صاحب الثمانية سنين الأسوء في تاريخ أمريكا: 11 سبتمبر - حروب افغانستان و العراق - وأخيرا انهيار الاقتصاد. حتى يبدأ أوباما فقرته في هذا المسرح ، يجب أن يثبت نفسه في أنه سيبعث "التغيير" على حد تعبيره المستمر. التغيير بأي شكل مطلوب في العالم. تغيير إلى الأسوء أو الأحسن هما سواء. لكني لا أتوقع أن هناك من سيأتي بعد جورج بوش المبجل من هو أسوء منه.

أمريكا دولة قوية لكنها اليوم ليست الأقوى ، أو على أقل تقدير: ليست قوية لوحدها. أخذت الولايات المتحدة دور البطولة في مسرح العالم اتى بعد الحرب العالمية الثانية. لكن البطولة الثنائية مع الإتحاد السوفيتي لم تنتهي إلا في نهاية ثمانينيات القرن العشرين. بعدها استلمت دور البطولة المطلقة. لكن ها نحن سريعا نرى محاولات جادة لدخول المسرح العالمي من الصين -مثلا-. فهل سيكون أوباما و طبعا من ورائه نظام دولة كامل حكيمين في التعامل مع هذا الفصل من المسرحية؟؟ لا أعرف الإجابة لكن الثمانية أعوام الفائتة تجعلنا نقول أن أية نتيجة تحصل هي مقبولة.

أوباما سيكون الرئيس الرابع و الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية رسيما في يوم 20 يناير 2009. ما هي الأحداث التي ستحدث بعد هذا التاريخ؟ و بالتحديد ما موقع دول العالم الثالث في هذه "النواريخ"؟ أوباما والده كيني و والدته بيضاء من كنساس و زوج أمه اندونيسي و هو صاحب شهادة قانون من جامعة هارفرد و الآن صاحب أقوى وظيفة في العالم!! المواطن البسيط الذي يعيش في دولة عالم ثالثة -إن صح التعبير-: ما تطلعه للعالم "الجديد"؟ نحن جميعا في تلك الدول "الثالثة" الترتيب تابعنا الانتخابات كأننا نحن من سيدخل قمرة الانتخاب. الحكاية لم تكن أوباما ضد ماكين. الحكاية كانت قوة أمريكا بمقابل خنوع البقية لها. الحكاية هي أمل على يد "المخلّص" الخواجة - الأسود- أمام يأس السود و البيض و الصفر و الحمر في أماكن "أخرى" من العالم.

لقد لقينا من بوش ثمانية سنين سوداء و الآن رجل أسود يدخل البيت الأبيض... ماذا يخبئ لنا القدر في الأربع السنين القادمة -على الأقل، قد تكون ثمانية-؟!


Share/Save/Bookmark

0 التعليقات:

إرسال تعليق